أجبرت النزاعات والصراعات في مناطق مختلفة المدنيين على الهروب من ويلات الحرب، فالحياة في بلدانهم لم تعد ممكنة وليس أمامهم إلا البحث عن أماكن أكثر أمنا.
وفي هذه الرحلة المضنية، ترافق "النازحين" أوتار اليأس والحزن، إلا أن الكثير منهم يظل متمسكا بإنسانيته، فهي النور والضوء الذي يمكن أن يشق لهم آفاقاً أفضل.
وحول هذا يقول المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: لا تسمحوا لأحد أن يحوّل إنسانيتكم إلى منطقة صراع... فأصل الإنسانية إعمار الأرض.
وبين «اعتدال» أن أشخاصا كثرا حولوا رحلة استهدافهم في نزاعات الحياة إلى قصص إنسانية في أماكن أخرى وجدوا فيها فرصة الحياة، وأن آلاف القصص الإنسانية حولنا تستحق أن نعبر عنها في مواجهة قوى شر تستهدف إنسانيتنا لتحقيق مصالح مدمرة!
وتناول «اعتدال» بعضا من هذه القصص وقال إن إحدى هذه القصص الملهمة هي رحلة نغان نغوين التي انطلقت من رأسمال لا يتعدى حقيبة ومعطفا إلى صانعة فرص، وتطرق باختصار إلى أهم محطاتها.
نغان نغوين التي فقدت والدها في الحرب الفيتنامية حين لم يتجاوز عمرها سنة واحدة تكفلتها والدتها بالرعاية مع إخوتها الخمسة، وأكملت دراستها حتى الصف الثاني عشر في مدرسة داخلية للأيتام.
وفي الـ19 من عمرها اضطرت نغوين للهرب واللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أنهكت الحرب والصراعات بلادها، وحين وصلت إلى فلوريدا لم تكن تملك سوى حقيبة ومعطفا وحذاء.
وبعد عامين فقط أشترت منزلها الأول وهي في الـ21 من العمر، إذ بدأت بإنشاء خط أعمال الخياطة الخاصة التي تجيدها بمهارة، لتحول هوايتها إلى عمل ناجح.
حاليا تدير نغوين وكالة عقارات خاصة بها فاتحة آفاقا وفرصا جديدة للعمل لها ولغيرها، وتملأ وقت فراغها اليوم كمتطوعة في منظمة غير ربحية لبناء المساكن للمحتاجين إلى مسكن.
ومن الأمثلة أيضا التي تطرق لها «اعتدال» قصة حسين سلمان الذي كان قريباً جداً من الموت، لكنه خاطر بحياته من أجل آخرين لا يعرفهم، وكان يعمل طبيبا بيطريا في العراق، حولته الصراعات والأوضاع غير المستقرة إلى لاجئ.
انتهى به الحال ليعيش في مدينة أوسنبروك الألمانية في نزل اللاجئين.
كان على موعد مع حدث غير مجرى حياته حين سمع وهو في الحمام صوت انفجار واصطدام أشبه بصوت اصطدام قطارين
فخرج مهرولا بملابسه الداخلية نحو سقوط الطائرة ذات المحركين والذي يبعد 200 متر وأخرج المصابين بمساعدة لاجئين آخرين من سكان النزل.
أطفأ حريقا بدأ بالطائرة غير آبه أنها قد تنفجر في أي لحظة، ثم أجرى الإسعافات الأولية للحفاظ على حياة المصابين، شعر بالحرج بعد مديح الشرطة والمسعفين لعمله الشجاع قائلا إنه لم يفعل شيئا مميزا يستحق الثناء بل كان يقوم بواجبه فقط في البلد التي يعيش فيها طلبا للهدوء والسلام.
وأنتقل «اعتدال» إلى قصة شيردان شاكيري الذي استقبلته سويسرا لاجئاً وعمره عام واحد، وبعد 20 عاماً أصبح فتى أحلام منتخبهم، فقبل 24 عاما كان شيردان شاكيري محمولا في حضن والدته وهم يفرون من ويلات الحرب في كوسوفو، حيث وصل مع عائلته إلى سويسرا، وفي قرية هادئة بدأ والداه بالعمل في مهن بسيطة وتفككت يوغسلافيا، لكن عائلة شيردان حافظت على تلاحمها ومنحت ابنها الدعم ليبدأ تحقيق حلمه وحلمهم.
لعب شيردان مع بازل وبزغ نجمه ولأنه ماهر جدا كان ذهابه إلى بايرن ميونخ أمرا يستحقه تماما، فلعب مع إنتر ميلان وانتقل إلى ستوك سيتي وصار نجما ملاحظا في كل مباراة رغم قصر قامته.
كان شيردان لاجئا في سويسرا قبل 24 عاما والآن هو النجم الأول في منتخب سويسرا وربما سيكون الأفضل في تاريخها.
وتطرق«اعتدال» إلى قصة بطلها يدعى "حسن عطايا" من هارب على متن قارب تتقاذفه الأمواج، إلى امتلاك مطعم متجه للتوسع والانتشار.
و"عطايا" هو رجل سوري الجنسية هرب من الحرب إلى مستقبل مجهول تتقاذفه الأمواج وهو على متن قارب مطاطي، كان متجها إلى اليونان ولم يكن متأكدا في لحظات كثيرة وهو على القارب أنه سينجو.
وصل حسن وكان متعبا ويائسا وخائفا، وظل لوقت يبحث عن مكان يذهب إليه، عرض عليه رجل يوناني مكانا للمبيت، ولم يكن يعلم أن هذا المكان سوف يدفعه بسرعة لتحقيق أحلامه.
تحول المكان إلى مطعم بالشراكة مع اليوناني والآن هو في طريقه إلى التوسع والانتشار.
اسم المطعم "داماس" مشتق من دمشق كما هو اسم عطايا وكأنه نال من اسمه نصيبا.